تفسير ابن كثر - سورة المائدة - الآية 118

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) (المائدة) mp3
هَذَا الْكَلَام يَتَضَمَّن رَدَّ الْمَشِيئَةِ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ الْفَعَّال لِمَا يَشَاء الَّذِي لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ وَمُتَضَمِّن التَّبَرِّي مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّه وَعَلَى رَسُوله وَجَعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا وَصَاحِبَة وَوَلَدًا تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَهَذِهِ الْآيَة لَهَا شَأْن عَظِيم وَنَبَأ عَجِيب وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ بِهَا لَيْلَة حَتَّى الصَّبَاح يُرَدِّدهَا . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل حَدَّثَنِي فُلَيْت الْعَامِرِيّ عَنْ جَسْرَة الْعَامِرِيَّة عَنْ أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات لَيْلَة فَقَرَأَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ يَرْكَع بِهَا وَيَسْجُد بِهَا إِنْ تُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك وَإِنْ تَغْفِر لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم فَلَمَّا أَصْبَحَ قُلْت يَا رَسُول اللَّه مَا زِلْت تَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة حَتَّى أَصْبَحْت تَرْكَع بِهَا وَتَسْجُد بِهَا ؟ قَالَ" إِنِّي سَأَلْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ الشَّفَاعَة لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِيهَا وَهِيَ نَائِلَة إِنْ شَاءَ اللَّه لِمَنْ لَا يُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا" . " طَرِيق أُخْرَى وَسِيَاق آخَر " قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا قُدَامَة بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَتْنِي جَسْرَة بِنْت دَجَاجَة أَنَّهَا اِنْطَلَقَتْ مُعْتَمِرَة فَانْتَهَتْ إِلَى الرَّبْذَة فَسَمِعَتْ أَبَا ذَرّ يَقُول : قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة مِنْ اللَّيَالِي فِي صَلَاة الْعِشَاء فَصَلَّى بِالْقَوْمِ ثُمَّ تَخَلَّفَ أَصْحَاب لَهُ يُصَلُّونَ فَلَمَّا رَأَى قِيَامهمْ وَتَخَلُّفَهُمْ اِنْصَرَفَ إِلَى رَحْله فَلَمَّا رَأَى الْقَوْم قَدْ أَخْلَوْا الْمَكَان رَجَعَ إِلَى مَكَانه يُصَلِّي فَجِئْت فَقُمْت خَلْفه فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَمِينِهِ فَقُمْت عَنْ يَمِينه ثُمَّ جَاءَ اِبْن مَسْعُود فَقَامَ خَلْفِي وَخَلْفه فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِشِمَالِهِ فَقَامَ عَنْ شِمَاله فَقُمْنَا ثَلَاثَتنَا يُصَلِّي كُلّ وَاحِد مِنَّا بِنَفْسِهِ وَنَتْلُو مِنْ الْقُرْآن مَا شَاءَ اللَّه أَنْ نَتْلُو وَقَامَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآن رَدَّدَهَا حَتَّى صَلَّى الْغَدَاة فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَوْمَأْت إِلَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أَنْ سَلْهُ مَا أَرَادَ إِلَى مَا صَنَعَ الْبَارِحَة فَقَالَ اِبْن مَسْعُود بِيَدِهِ لَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْء حَتَّى يُحَدِّث إِلَيَّ فَقُلْت بِأَبِي وَأُمِّي قُمْت بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآن وَمَعَك الْقُرْآن لَوْ فَعَلَ هَذَا بَعْضُنَا لَوَجَدْنَا عَلَيْهِ قَالَ " دَعَوْت لِأُمَّتِي" قُلْت فَمَاذَا أُجِبْت أَوْ مَاذَا رُدَّ عَلَيْك ؟ قَالَ " أُجِبْت بِاَلَّذِي لَوْ اِطَّلَعَ عَلَيْهِ كَثِير مِنْهُمْ طَلْعَة تَرَكُوا الصَّلَاة " قُلْت أَفَلَا أُبَشِّر النَّاس ؟ قَالَ " بَلَى " فَانْطَلَقْت مُعْنِقًا قَرِيبًا مِنْ قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ فَقَالَ عُمَر : يَا رَسُول اللَّه إِنَّك إِنْ تَبْعَث إِلَى النَّاس بِهَذَا نَكَلُوا عَنْ الْعِبَادَات فَنَادَاهُ أَنْ " اِرْجِعْ " فَرَجَعَ وَتِلْكَ الْآيَة إِنْ تُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك وَإِنْ تَغْفِر لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ بَكْر بْن سَوَادَة حَدَّثَ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْل عِيسَى إِنْ تُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادك وَإِنْ تَغْفِر لَهُمْ فَإِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْحَكِيم فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ " اللَّهُمَّ أُمَّتِي " وَبَكَى فَقَالَ اللَّه يَا جِبْرِيل اِذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد - وَرَبّك أَعْلَم - فَاسْأَلْهُ مَا يُبْكِيه ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَم فَقَالَ اللَّه يَا جِبْرِيل اِذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءك . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا حُسَيْن قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَة حَدَّثَنَا اِبْن هُبَيْرَة أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا تَمِيم الْجَيْشَانِيّ يَقُول : حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب سَمِعْت حُذَيْفَة بْن الْيَمَان يَقُول : غَابَ عَنَّا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَلَمْ يَخْرُج حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَنْ يَخْرُج فَلَمَّا خَرَجَ سَجَدَ سَجْدَة ظَنَنَّا أَنَّ نَفْسه قَدْ قُبِضَتْ فِيهَا فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسه قَالَ " إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ اِسْتَشَارَنِي فِي أُمَّتِي مَاذَا أَفْعَلُ بِهِمْ ؟ فَقُلْت مَا شِئْت أَيْ رَبّ هُمْ خَلْقُك وَعِبَادُك فَاسْتَشَارَنِي الثَّانِيَة فَقُلْت لَهُ كَذَلِكَ فَقَالَ لَا أُخْزِيك فِي أُمَّتك يَا مُحَمَّد وَبَشَّرَنِي أَنَّ أَوَّل مَنْ يَدْخُل الْجَنَّة مِنْ أُمَّتِي مَعِي سَبْعُونَ أَلْفًا مَعَ كُلّ أَلْف سَبْعُونَ أَلْفًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَاب ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ اُدْعُ تُجَبْ وَسَلْ تُعْطَ فَقُلْت لِرَسُولِهِ أَوَمُعْطِيَّ رَبِّي سُؤْلِي ؟ فَقَالَ مَا أَرْسَلَنِي إِلَيْك إِلَّا لِيُعْطِيَك وَلَقَدْ أَعْطَانِي رَبِّي وَلَا فَخْر وَغَفَرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ وَأَنَا أَمْشِي حَيًّا صَحِيحًا وَأَعْطَانِي أَنْ لَا تَجُوع أُمَّتِي وَلَا تُغْلَب وَأَعْطَانِي الْكَوْثَر وَهُوَ نَهَر فِي الْجَنَّة يَسِيل فِي حَوْضِي وَأَعْطَانِي الْعِزّ وَالنَّصْر وَالرُّعْب يَسْعَى بَيْن يَدَيْ أُمَّتِي شَهْرًا وَأَعْطَانِي أَنِّي أَوَّل الْأَنْبِيَاء يَدْخُل الْجَنَّة وَطَيَّبَ لِي وَلِأُمَّتِي الْغَنِيمَة وَأَحَلَّ لَنَا كَثِيرًا مِمَّا شَدَّدَ عَلَى مَنْ قَبْلنَا وَلَمْ يَجْعَل عَلَيْنَا فِي الدِّين مِنْ حَرَج " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الالمام بشيء من أحكام الصيام

    الالمام بشيء من أحكام الصيام : قال المؤلف - حفظه الله -: « فهذه بحوث في الصيام كتبتها بطلب من بعض الإخوان، ثم رغب إليَّ بعضهم في نشرها، فوافقت على ذلك، رجاء أن ينفع الله بها. وقد ذكرت أقوال العلماء في المسائل الخلافية التي بحثتها، وقرنت كل قول بالدليل، أو التعليل في الغالب، ورجَّحت ما ظهر لي ترجيحه مع بيان وجه الترجيح، وقصدت من ذلك الوصول إلى الحق، وسمَّيتها الإلمام بشيء من أحكام الصيام ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/231267

    التحميل:

  • نداءات الرحمن لأهل الإيمان

    نداءات الرحمن لأهل الإيمان: قال المؤلف: فهذه نداءات الرحمن لعباده المؤمنين البالغة تسعين نداء، حواها كتابه القرآن الكريم، قد يسر الله تعالى لي جمعها في هذا المؤلف الصغير كما يسر لي شرحها، وبيان ما تحتويه من علم وهداية لعباده المؤمنين المتقين، وهذا ليعلم القارئ الكريم والمستمع المستفيد أن هذه النداءات التسعين قد اشتملت على ما يهم المسلم في أمور دينه ودنياه.

    الناشر: موقع صيد الفوائد www.saaid.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364378

    التحميل:

  • الرحيق المختوم [ بحث في السيرة النبوية ]

    الرحيق المختوم: تحتوي هذه الصفحة على نسخة وورد، ومصورة pdf، والكترونية مفهرسة من كتاب الرحيق المختوم، مع ترجمته إلى 13 لغة عالمية؛ فلقد حظيت سيرة صاحب الرسالة العظمى - صلى الله عليه وسلم - باهتمام العلماء والمحدثين والكتاب والمؤرخين، المتقدمين منهم والمتأخرين، وكل من هؤلاء الأعلام يغوص في ثبج هذا البحر الزاخر، ويستصفي منه يتيم الجوهر ونفيس الدرر. فمنهم من عني باستخلاص دلائل الإعجاز والخصائص النبوية، ومنهم من صمد إلى الإبانة عن أحداث الغزوات وتفاصيل المعارك، ومنهم من أفاض في ذكر فقهها واستخلاص أحكامها وعبرها، ومنهم من استجلى مواقف عظمة هذه النفس الزكية. ولا تزال وستبقى سيرة هذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ملهمة لأولي الأقلام اللامعة والدراسات العميقة، للاستهداء بهديها والتأسي بصاحبها صلى الله عليه وسلم. وممن أسهم في هذا المضمار ونهل من هذا المعين الصافي الشيخ صفي الرحمن المباركفوري - رحمه الله - في كتابنا هذا؛ حيث كتب عن السيرة فصولاً مضيئة، وموازنات فريدة، وربط الأحداث ببعضها ربطاً متماسكاً بأسلوب بديع أخاذ، حيث استخلص من كتب الأقدمين فوائد بلورها في إيجاز غير مخل، وتطويل غير ممل، فجاء كافياً وافياً. وفي زماننا هذا الذي أضحى الناس فيه يلهثون وراء مناهج فاسدة ويسلكون سبلاً معوجة .. تبرز أهمية دراسة السيرة العطرة؛ لتوضح لنا معالم الطريق المستقيم، وعظمة هذا النبي الكريم، عسى أن يكون هذا باعثاً لنا على إصلاح ما أفسده بعدنا عن المنهج الإلهي، والتأسي بمنقذ البشرية من الضلال والتيه صلى الله عليه وسلم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2382

    التحميل:

  • الأساليب النبوية في معالجة الأخطاء

    الأساليب النبوية في معالجة الأخطاء : رسالة مختصرة في بيان بعض أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم - في معالجة الأخطاء؛ حيث إن أساليبه - عليه الصلاة والسلام - أحكم وأنجع واستعمالها أدعى لاستجابة الناس، واتباع المربي لهذه الأساليب والطرائق يجعل أمره سديدا وسلوكه في التربية مستقيما. ثمّ إن اتباع المنهج النبوي وأساليبه فيه الاتساء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أسوة حسنة لنا ويترتب على ذلك حصول الأجر العظيم من الله تعالى إذا خلصت النية.

    الناشر: موقع الإسلام سؤال وجواب http://www.islamqa.info

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/63355

    التحميل:

  • نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة

    نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «نور التقوى وظلمات المعاصي» أوضحتُ فيها نور التقوى، ومفهومها، وأهميتها، وصفات المتقين، وثمرات التقوى، وبيّنت فيها: ظلمات المعاصي، ومفهومها، وأسبابها، ومداخلها، وأصولها، وأقسامها، وأنواعها وآثارها، على الفرد والمجتمع، وعلاج المعاصي وأصحابها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193646

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة