تفسير ابن كثر - سورة الأحزاب الآية 4 | القرآن الكريم للجميع
Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأحزاب - الآية 4

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) (الأحزاب) mp3
يَقُول تَعَالَى مُوَطِّئًا قَبْل الْمَقْصُود الْمَعْنَوِيّ أَمْرًا مَعْرُوفًا حِسِّيًّا وَهُوَ أَنَّهُ كَمَا لَا يَكُون لِلشَّخْصِ الْوَاحِد قَلْبَانِ فِي جَوْفه وَلَا تَصِير زَوْجَته الَّتِي يُظَاهِر مِنْهَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أُمًّا لَهُ كَذَلِكَ لَا يَصِير الدَّعِيّ وَلَدًا لِلرَّجُلِ إِذَا تَبَنَّاهُ فَدَعَاهُ اِبْنًا لَهُ فَقَالَ" مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ " كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " مَا هُنَّ أُمَّهَاتهمْ إِنْ أُمَّهَاتهمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ " الْآيَة . وَقَوْله تَعَالَى : " وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ " هَذَا هُوَ الْمَقْصُود بِالنَّفْيِ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْن زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " مَوْلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَبَنَّاهُ قَبْل النُّبُوَّة فَكَانَ يُقَال لَهُ زَيْد بْن مُحَمَّد فَأَرَادَ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَقْطَع هَذَا الْإِلْحَاق وَهَذِهِ النِّسْبَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ " كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي أَثْنَاء السُّورَة " مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا " وَقَالَ هَهُنَا " ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ " يَعْنِي تَبَنِّيكُمْ لَهُمْ قَوْل لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُون اِبْنًا حَقِيقِيًّا فَإِنَّهُ مَخْلُوق مِنْ صُلْب رَجُل آخَر فَمَا يُمْكِن أَنْ يَكُون لَهُ أَبَوَانِ كَمَا لَا يُمْكِن أَنْ يَكُون لِلْبَشَرِ الْوَاحِد قَلْبَانِ " وَاَللَّه يَقُول الْحَقّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل " قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر" يَقُول الْحَقّ " أَيْ الْعَدْل وَقَالَ قَتَادَة " وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل " أَيْ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم وَقَدْ ذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُقَال لَهُ ذُو الْقَلْبَيْنِ وَأَنَّهُ كَانَ يَزْعُم أَنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ كُلّ مِنْهُمَا بِعَقْلٍ وَافِر فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة رَدًّا عَلَيْهِ . هَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حَسَن حَدَّثَنَا زُهَيْر عَنْ قَابُوس يَعْنِي اِبْن أَبِي ظَبْيَان قَالَ إِنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه تَعَالَى : " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُصَلِّي فَخَطَرَ خَطْرَة فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ أَلَا تَرَوْنَ لَهُ قَلْبَيْنِ قَلْبًا مَعَكُمْ وَقَلْبًا مَعَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ عَنْ صَاعِد الْحَرَّانِيّ عَنْ عَبْد بْن حُمَيْد وَعَنْ أَحْمَد بْن يُونُس كِلَاهُمَا عَنْ زُهَيْر وَهُوَ اِبْن مُعَاوِيَة بِهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا حَدِيث حَسَن وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث زُهَيْر بِهِ. وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْد بْن حَارِثَة ضُرِبَ لَهُ مَثَل يَقُول لَيْسَ اِبْن رَجُل آخَر اِبْنك وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَابْن زَيْد أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " وَهَذَا يُوَافِق مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّفْسِير وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • إغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات

    قال المؤلف - رحمه الله -: « فإن الله جل جلاله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف الإجلال والتعظيم. وذكر جل وعلا شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن نبذ أمره وعصاه ليتقوه بصالح الأعمال، ودعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه وياباه. وبعد فقد عزمت - إن شاء الله تعالى - أن أجمع من كلام الله - جل جلاله وتقدست أسماؤه -، ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كلام أهل العلم، ما يحثني وإخواني المسلمين على التأهب والاستعداد لما أمامنا، من الكروب والشدائد والأهوال والأمور العظائم والمزعجات المقلقات الصعاب. وسميت هذا الكتاب ( اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات ) ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2552

    التحميل:

  • فتياتنا بين التغريب والعفاف

    فتياتنا بين التغريب والعفاف: نلتقي في هذه السطور مع موضوع طالما غفل عنه الكثير، موضوع يمسّ كل فرد في هذه الأمة، فما منَّا إلا وهو بين أم، أو زوج، أو أخت، أو بنت، أو قريبة؛ بل كل مسلمة على هذه الأرض لها من وشائج الصلة ما يجعلها مدار اهتمام المسلم، إنه موضوع أمهات المستقبل ومربيات الليوث القادمة، إنه يتحدَّث عن بناتنا بين العفاف والتغريب.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337578

    التحميل:

  • شرح العقيدة الطحاوية [ صالح آل الشيخ ]

    العقيدة الطحاوية : متن مختصر صنفه العالم المحدِّث: أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، المتوفى سنة 321هـ، وهي عقيدةٌ موافقة في جُلِّ مباحثها لما يعتقده أهل الحديث والأثر، أهل السنة والجماعة، وقد ذَكَرَ عددٌ من أهل العلم أنَّ أتْبَاعَ أئمة المذاهب الأربعة ارتضوها؛ وذلك لأنها اشتملت على أصول الاعتقاد المُتَّفَقِ عليه بين أهل العلم، وذلك في الإجمال لأنَّ ثَمَّ مواضع اُنتُقِدَت عليه، وفي هذه الصفحة شرح ألقاه الشيخ صالح آل الشيخ - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/322221

    التحميل:

  • التجويد الميسر

    التجويد الميسر : هذا الكتاب عبارة عن تبسيط لقواعد التجويد والقراءة دون إخلال أو تقصير؛ بحيث يتسنى لكل مسلم تناولها وتعلمها دون حاجة إلى عناء أو مشقة في فهمها أو تطبيقها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/253178

    التحميل:

  • الهادي إلى تفسير غريب القرآن

    الهادي إلى تفسير غريب القرآن: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فإن من أجلِّ الأعمال التي تُقرِّب العبدَ من الخالق - جل وعلا - التدبُّر في معاني القرآن الكريم، والوقف على فهم آياته. ولما كانت هناك كلمات لغوية يصعُب على الكثيرين فهم معانيها وضعنا هذا «الغريب» ليُوضِّح معاني المفردات، ويُعين على فهم الآيات».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385229

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة