تفسير ابن كثر - سورة آل عمران الآية 133 | القرآن الكريم للجميع
Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 133

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) (آل عمران) mp3
ثُمَّ نَدَبَهُمْ إِلَى الْمُبَادَرَة إِلَى فِعْل الْخَيْرَات وَالْمُسَارَعَة إِلَى نَيْل الْقُرُبَات فَقَالَ تَعَالَى " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ وَجَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ " أَيْ كَمَا أُعِدَّتْ النَّار لِلْكَافِرِينَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى قَوْله عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض تَنْبِيهًا عَلَى اِتِّسَاع طُولهَا كَمَا قَالَ فِي صِفَة فُرُش الْجَنَّة " بَطَائِنهَا مِنْ إِسْتَبْرَق " أَيْ فَمَا ظَنُّك بِالظَّهَائِرِ وَقِيلَ بَلْ عَرْضهَا كَطُولِهَا لِأَنَّهَا قُبَّة فِيهِ تَحْت الْعَرْش وَالشَّيْء الْمُقَبَّب وَالْمُسْتَدِير عَرْضه كَطُولِهِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح " إِذَا سَأَلْتُمْ اللَّه الْجَنَّة فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْس فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّة وَأَوْسَط الْجَنَّة وَمِنْهُ تَفَجَّر أَنْهَار الْجَنَّة وَسَقْفهَا عَرْش الرَّحْمَن " وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ فِي سُورَة الْحَدِيد " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ وَجَنَّة عَرْضهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْض " الْآيَة . وَقَدْ رُوِّينَا فِي مُسْنَد الْإِمَام أَحْمَد أَنَّ هِرَقْل كَتَبَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّك دَعَوْتنِي إِلَى جَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سُبْحَان اللَّه فَأَيْنَ اللَّيْل إِذَا جَاءَ النَّهَار ". وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن جَرِير فَقَالَ حَدَّثَنِي يُونُس أَنْبَأَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي مُسْلِم بْن خَالِد عَنْ أَبِي خَيْثَمَة عَنْ سَعِيد بْن أَبِي رَاشِد عَنْ يَعْلَى بْن مُرَّة قَالَ لَقِيت التَّنُوخِيّ رَسُول هِرَقْل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِمْصَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ فَسَدَ فَقَالَ قَدِمْت عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابِ هِرَقْل فَتَنَاوَلَ الصَّحِيفَة رَجُل عَنْ يَسَاره قَالَ : قُلْت مَنْ صَاحِبكُمْ الَّذِي يَقْرَأ ؟ قَالُوا : مُعَاوِيَة فَإِذَا كِتَاب صَاحِبِي : إِنَّك كَتَبْت تَدْعُونِي إِلَى جَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سُبْحَان اللَّه فَأَيْنَ اللَّيْل إِذَا جَاءَ النَّهَار " . وَقَالَ الْأَعْمَش وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَشُعْبَة عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم عَنْ طَارِق بْن شِهَاب : أَنَّ نَاسًا مِنْ الْيَهُود سَأَلُوا عُمَر بْن الْخَطَّاب عَنْ جَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار ؟ فَقَالَ لَهُمْ عُمَر : أَرَأَيْتُمْ إِذَا جَاءَ النَّهَار أَيْنَ اللَّيْل وَإِذَا جَاءَ اللَّيْل أَيْنَ النَّهَار فَقَالُوا : لَقَدْ نَزَعْت مِثْلهَا مِنْ التَّوْرَاة رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ ثَلَاثَة طُرُق . ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن بَرْقَان أَنْبَأَنَا يَزِيد بْن الْأَصَمّ : أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الْكِتَاب قَالَ : يَقُولُونَ جَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار ؟ فَقَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَيْنَ يَكُون اللَّيْل إِذَا جَاءَ النَّهَار وَأَيْنَ يَكُون النَّهَار إِذَا جَاءَ اللَّيْل . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا فَقَالَ الْبَزَّار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَعْمَر حَدَّثَنَا الْمُغِيرَة بْن سَلَمَة أَبُو هِشَام حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الْأَصَمّ عَنْ عَمّه يَزِيد بْن الْأَصَمّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى " جَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض " فَأَيْنَ النَّار ؟ قَالَ " أَرَأَيْت اللَّيْل إِذَا جَاءَ لَبِسَ كُلّ شَيْء فَأَيْنَ النَّهَار " ؟ قَالَ : حَيْثُ شَاءَ اللَّه قَالَ " وَكَذَلِكَ النَّار تَكُون حَيْثُ شَاءَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " . وَهَذَا يَحْتَمِل مَعْنَيَيْنِ " أَحَدهمَا " أَنْ يَكُون الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ عَدَم مُشَاهَدَتنَا اللَّيْل إِذَا جَاءَ النَّهَار أَنْ لَا يَكُون فِي مَكَان وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمهُ : وَكَذَلِكَ النَّار تَكُون حَيْثُ شَاءَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا أَظْهَر كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ الْبَزَّار " الثَّانِي " أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَنَّ النَّهَار إِذَا تَغَشَّى وَجْه الْعَالَم مِنْ هَذَا الْجَانِب فَإِنَّ اللَّيْل يَكُون مِنْ الْجَانِب الْآخَر فَكَذَلِكَ الْجَنَّة فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فَوْق السَّمَوَات تَحْت الْعَرْش وَعَرْضهَا كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " كَعَرْضِ السَّمَوَات وَالْأَرْض " وَالنَّار فِي أَسْفَل سَافِلِينَ فَلَا تَنَافِي بَيْن كَوْنهَا كَعَرْضِ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَبَيْن وُجُود النَّار وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • البركة: كيف يحصل المسلم عليها في ماله ووقته وسائر أموره؟

    البركة: قال المؤلف - حفظه الله -: «فإن من مسائل العلم النافعة التي ينبغي معرفتها والحرص عليها: البركة التي جاء ذكرها في نصوص الكتاب والسنة، وإن لمعرفة أسبابها وموانعها ومواقعها أهمية كبرى للمسلم الحريص على الخير؛ فإن البركة ما حلَّت في قليل إلا كثُر، ولا كثير إلا نفع، وثمراتها وفوائدها كثيرة، ومن أعظمها: استعمالها في طاعة الله تعالى... لذا رأيت أن أكتب رسالة في هذا الموضوع أوضِّح فيها أسباب البركة وموانعها، مع بيان الأعيان والأزمنة والأمكنة والأحوال المباركة، مقتصرًا على ما ورد في الكتاب الكريم والسنة الصحيحة، وترك ما عدا ذلك مما هو ضعيف أو ليس بصريح».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/332983

    التحميل:

  • الوافي في اختصار شرح عقيدة أبي جعفر الطحاوي

    العقيدة الطحاوية : متن مختصر صنفه العالم المحدِّث: أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، المتوفى سنة 321هـ، وهي عقيدةٌ موافقة في جُلِّ مباحثها لما يعتقده أهل الحديث والأثر، أهل السنة والجماعة، وقد ذَكَرَ عددٌ من أهل العلم أنَّ أتْبَاعَ أئمة المذاهب الأربعة ارتضوها؛ وذلك لأنها اشتملت على أصول الاعتقاد المُتَّفَقِ عليه بين أهل العلم، وذلك في الإجمال لأنَّ ثَمَّ مواضع اُنتُقِدَت عليه، وقد قام بشرحها معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - أثابه الله -، وقام باختصاره الشيخ مهدي بن عماش الشمري - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172706

    التحميل:

  • عشر قواعد في الاستقامة

    عشر قواعد في الاستقامة: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن موضوع هذه الرسالة عن الاستقامة، وهو موضوعٌ عظيمُ الأهميَّة جليلُ القدر، وحقيقٌ بكلِّ واحدٍ منَّا أن يُعنى به، وأن يُعطيَه من اهتمامه وعنايته .. وقد رأيتُ أنه من المُفيد لنفسي ولإخواني جمعَ بعض القواعد المهمة الجامعة في هذا الباب؛ لتكون لنا ضياءً ونبراسًا بعد مُطالعةٍ لكلام أهل العلم وأقاويلهم - رحمهم الله تعالى - عن الاستقامة، وعمَّا يتعلَّقُ بها، وسأذكر في هذه الرسالة عشرَ قواعد عظيمة في باب الاستقامة، وهي قواعد مهمةٌ جديرٌ بكلِّ واحدٍ منَّا أن يتنبَّه لها».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344672

    التحميل:

  • إني آنست نارًا [ خطوة في طريق الحق ]

    إني آنست نارًا [ خطوة في طريق الحق ]: قال المؤلف: «وهذا الكتيب المختصر عبارة عن نقاط أو مبادئ استفدتها من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد دلَّل عليها أهل العلم وقرروها. وهذه المبادئ يتمكن المسلم بواسطتها من تمييز الحق ومعرفته، ليسهل عليه اتباعه، وقد ضربت على أغلبها أمثلة من الواقع لتيسير فهمها واستيعابها وتطبيقها. كما أني رددتُ من خلال هذه النقاط على بعض الشبهات الرئيسية التي يتعلَّق بها المتطرفون برد عام يصلح لهدم الشبهة وفروعها - بإذن الله تعالى -، وأعرضت عن التفاصيل».

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339665

    التحميل:

  • الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة

    الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة : قال المؤلف - أثابه الله - « اشتمل البحث - بعد المقدمة - على تمهيد تناولت فيه بعض الأمور ذات الصلة القوية بموضوع البحث، حيث ألمحت إلى ضرورة التثبت في نسبة الأحاديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتحذير من التساهل في ذلك، سواء كانت تلك الأحاديث في الأحكام أم في الفضائل. ثم تكلمت - في التمهيد أيضاً - عن دلالة الأحاديث الواردة في فضائل المدينة على استمرار ما اشتملت عليه من فضل، وذكرت أن تلك الأحاديث تنقسم إلى قسمين: قسم لم أر خلافاً بين العلماء في دلالته على استمرار ما اشتمل عليه من فضل، وقسم آخر اختلف العلماء فيه، وقد بينت أن الراجح في تلك الأحاديث القول بعمومها، وأن ما تضمنته من فضل ليس خصوصاً بزمن معين. ثم تكلمت عن تسمية المدينة، وبينت أن الثابت من أسمائها في السنة المطهرة ثلاثة أسماء هي: المدينة، وطابة، طيبة، أما يثرب فقد كانت تسمى به في الجاهلية، وقد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - تسمية المدينة بهذا الاسم. ثم ذكرت حدود المدينة التي بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي: ما بين عير إلى ثور من جهة الجنوب والشمال، والحرتان الشرقية والغربية وما بينهما من جهة الشرق والغرب، وكذلك وادي العقيق داخل في حرم المدينة أيضاً، ابتداء من ذي الحليفة إلى منتهاه عند مَجْمع السيول لوقوعه بين عير وثور. أما الأبواب الثلاثة التي تضمنت الأحاديث الواردة في فضائل المدينة، فقد اشتملت على خمسة وسبعين وثلاثمائة حديث غير المكرر، وبعض الأرقام السابقة ذكرت تحتها عدة ألفاظ بطرق مختلفة إلى الصحابي راوي الحديث، ولو جعلت لكل طريق رقماً خاصاً به لتضاعف العدد السابق. وقد بلغ عدد الأحاديث الصحيحة والحسنة ثلاثة وثلاثين ومائة حديث، وثمانية وخمسون حديثاً منها في الصحيحين أو أحدهما، وبلغ عدد الأحاديث الضعيفة ثلاثة وتسعين ومائة حديث، واحد وسبعون حديثاً منها ضعيف من جهة الإسناد، ومعانيها ثابتة في الطرق المتقدمة، أما الأحاديث الموضوعة فقد بلغ عددها تسعة وأربعين حديثاً. وهذه الأعداد التي ذكرتها - خلا ما في الصحيحين - هي بحسب ما توصلت إليه من خلال تتبعي لأقوال النقاد في الحكم على تلك الأحاديث، وكذلك من خلال دراستي للأسانيد والحكم عليها بما تقتضيه القواعد التي قعدها أئمة هذا الشأن، وبعض تلك الأحكام قد تختلف فيها وجهات النظر بحسب اختلاف النقاد في بعض الأمور التي بنيت تلك الأحكام عليها، كاختلافهم في بعض الرواة ونحو ذلك. ومن الجدير بالذكر أن كثيراً من الأحاديث الثابتة المتقدمة التي تضمنت فضائل للمدينة، تضمنت أيضاً فضائل لمكة، وتلك الأحاديث تبرز مكانة هاتين المدينتين الكريمتين وتُبيِّن فضلهما على غيرهما من البلدان، والتزام الأدب معهما من الساكن فيهما والقادم عليهما، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291784

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة