تفسير ابن كثر - سورة الحج - الآية 40

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) (الحج) mp3
" الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ " قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أُخْرِجُوا مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة بِغَيْرِ حَقّ يَعْنِي مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه " إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبّنَا اللَّه " أَيْ مَا كَانَ لَهُمْ إِلَى قَوْمهمْ إِسَاءَة وَلَا كَانَ لَهُمْ ذَنْب إِلَّا أَنَّهُمْ وَحَّدُوا اللَّه وَعَبَدُوهُ لَا شَرِيك لَهُ وَهَذَا اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فِي نَفْس الْأَمْر وَأَمَّا عِنْد الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ أَكْبَر الذُّنُوب كَمَا قَالَ تَعَالَى " يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبّكُمْ " وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّة أَصْحَاب الْأُخْدُود " وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيز الْحَمِيد " وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرْتَجِزُونَ فِي بِنَاء الْخَنْدَق وَيَقُولُونَ : لَا هُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اِهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَن سَكِينَة عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَام إِنْ لَاقَيْنَا إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَة أَبَيْنَا فَيُوَافِقهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُول مَعَهُمْ آخِر كُلّ قَافِيَّة فَإِذَا قَالُوا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَة أَبَيْنَا يَقُول " أَبَيْنَا " يَمُدّ بِهَا صَوْته ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ " أَيْ لَوْلَا أَنَّهُ يَدْفَع بِقَوْمٍ عَنْ قَوْم وَيَكُفّ شُرُور أُنَاس عَنْ غَيْرهمْ بِمَا يَخْلُقهُ وَيُقَدِّرهُ مِنْ الْأَسْبَاب لَفَسَدَتْ الْأَرْض وَلَأَهْلَكَ الْقَوِيّ الضَّعِيف " لَهُدِّمَتْ صَوَامِع " وَهِيَ الْمَعَابِد الصِّغَار لِلرُّهْبَانِ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَأَبُو الْعَالِيَة وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمْ وَقَالَ قَتَادَة هِيَ مَعَابِد الصَّابِئِينَ وَفِي رِوَايَة عَنْهُ صَوَامِع الْمَجُوس وَقَالَ مُقَاتِل بْن حَيَّان هِيَ الْبُيُوت الَّتِي عَلَى الطُّرُق" وَبِيَع " وَهِيَ أَوْسَع مِنْهَا وَأَكْثَر عَابِدِينَ فِيهَا وَهِيَ لِلنَّصَارَى أَيْضًا قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَابْن صَخْر وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَخُصَيْف وَغَيْرهمْ وَحَكَى اِبْن جُبَيْر عَنْ مُجَاهِد وَغَيْره أَنَّهَا كَنَائِس الْيَهُود وَحَكَى السُّدِّيّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهَا كَنَائِس الْيَهُود وَمُجَاهِد إِنَّمَا قَالَ هِيَ الْكَنَائِس وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله " وَصَلَوَات " قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس الصَّلَوَات الْكَنَائِس وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة : إِنَّهَا كَنَائِس الْيَهُود وَهُمْ يُسَمُّونَهَا صَلَوَات وَحَكَى السُّدِّيّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهَا كَنَائِس النَّصَارَى وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَغَيْره الصَّلَوَات مَعَابِد الصَّابِئِينَ وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد الصَّلَوَات مَسَاجِد لِأَهْلِ الْكِتَاب وَلِأَهْلِ الْإِسْلَام بِالطُّرُقِ وَأَمَّا الْمَسَاجِد فَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَوْله " يُذْكَر فِيهَا اِسْم اللَّه كَثِيرًا" فَقَدْ قِيلَ الضَّمِير فِي قَوْله يُذْكَر فِيهَا عَائِد إِلَى الْمَسَاجِد لِأَنَّهَا أَقْرَب الْمَذْكُورَات وَقَالَ الضَّحَّاك الْجَمِيع يُذْكَر فِيهَا اِسْم اللَّه كَثِيرًا وَقَالَ اِبْن جَرِير الصَّوَاب لَهُدِّمَتْ صَوَامِع الرُّهْبَان وَبِيَع النَّصَارَى وَصَلَوَات الْيَهُود وَهِيَ كَنَائِسهمْ وَمَسَاجِد الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يُذْكَر فِيهَا اِسْم اللَّه كَثِيرًا لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُسْتَعْمَل الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء هَذَا تَرَقٍّ مِنْ الْأَقَلّ إِلَى الْأَكْثَر إِلَى أَنْ اِنْتَهَى إِلَى الْمَسَاجِد وَهِيَ أَكْثَر عَمَارًا وَأَكْثَر عِبَادًا وَهُمْ ذَوُو الْقَصْد الصَّحِيح وَقَوْله" وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّه مَنْ يَنْصُرهُ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّه يَنْصُركُمْ وَيُثَبِّت أَقْدَامكُمْ وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالهمْ" وَقَوْله " إِنَّ اللَّه لَقَوِيّ عَزِيز " وَصَفَ نَفْسه بِالْقُوَّةِ وَالْعِزَّة فَبِقُوَّتِهِ خَلَقَ كُلّ شَيْء فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَبِعِزَّتِهِ لَا يَقْهَرهُ قَاهِر وَلَا يَغْلِبهُ غَالِب بَلْ كُلّ شَيْء ذَلِيل لَدَيْهِ فَقِير إِلَيْهِ وَمَنْ كَانَ الْقَوِيّ الْعَزِيز نَاصِره فَهُوَ الْمَنْصُور وَعَدُوّهُ هُوَ الْمَقْهُور قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ" وَقَالَ تَعَالَى " كَتَبَ اللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّه لَقَوِيّ عَزِيز " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • ورثة الأنبياء

    ورثة الأنبياء: قال المصنف - حفظه الله -: «فلما هجر العلم الشرعي علمًا، وتعلمًا، وضعفت همم الناس وقصرت دون السعي له. جمعت بعض أطراف من صبر وجهاد علمائنا في طلب العلم، والجد فيه والمداومة عليه، لنقتفي الأثر ونسير على الطريق. وهذا هو الجزء الخامس عشر من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان «ورثة الأنبياء؟»».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229624

    التحميل:

  • أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب

    أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب: كتابٌ بيَّن فيه مؤلفه ما ورد في شهر رجب من فضائل، وأنها كلها لا تثبت، وذكر البدع التي أحدثها الناس في هذا الشهر الكريم؛ كصلاة الرغائب، وتخصيصه بالصيام، أو العمرة، وغير ذلك من العبادات، وذكر الكلام عن الإسراء والمعراج وأنه لم يصح أن هذه الحادثة كانت في شهر رجب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/311911

    التحميل:

  • من هو محمد رسول الله؟

    من هو محمد رسول الله؟: ملف pdf يحتوي على عدة مقالات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من إعداد موقع رسول الله، وعناوينها كالتالي: - تعريف بمحمد رسول الله. - من هو محمد؟ - هل المسلمين حاليا يمثلوا فكر محمد صلى الله عليه وسلم؟ - معاشرات محمد رسول الله. - معاملات محمد رسول الله. - أخلاق محمد رسول الله. - آداب محمد رسول الله. - عبادات محمد رسول الله - البساطة في حياة محمد صلى الله عليه وسلم.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381131

    التحميل:

  • صلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «صلاة الجماعة» بيّنت فيها: مفهوم صلاة الجماعة، وحكمها، وفوائدها، وفضلها، وفضل المشي إليها، وآداب المشي إليها، وانعقادها باثنين، وإدراكها بركعة، وأن صلاة الجماعة الثانية مشروعة لمن فاتته صلاة الجماعة الأولى مع الإمام، وأن من صلى ثم أدرك جماعة أعادها معهم نافلة، وأن المسبوق يدخل مع الإمام على أي حال وجده، ولكن لا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها، ويصلي ما بقي من صلاته إذا سلم إمامه. وقرنتُ كلَّ مسألة بدليلها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1922

    التحميل:

  • طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة

    طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام الطهارة التي هي شطر الإيمان، ومفتاح الصلاة، بيّن فيها المصنف - حفظه الله - كل ما يحتاجه المسلم في طهارته ونظافته ونزاهته.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1926

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة